responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 154
الِاسْتِعَارَةُ ثُمَّ إنَّمَا لَا يَثْبُتُ الْعَكْسُ لِمَا ذَكَرْت أَنَّ الِاسْتِعَارَةَ لَا تَجْرِي إلَّا مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ، (وَأَمَّا مِثَالُ الْبَيْعِ، وَالْمِلْكِ فَصَحِيحٌ) ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ السَّمَاعُ فِي أَنْوَاعِ الْعَلَاقَاتِ لَا فِي أَفْرَادِهَا فَإِنَّ إبْدَاعَ الِاسْتِعَارَاتِ اللَّطِيفَةِ مِنْ فُنُونِ الْبَلَاغَةِ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا بُدَّ مِنْ السَّمَاعِ فَإِنَّ النَّخْلَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْإِنْسَانِ الطَّوِيلِ دُونَ غَيْرِهِ قُلْنَا لِاشْتِرَاطِ الْمُشَابَهَةِ فِي أَخَصِّ الصِّفَاتِ.

(مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَهُمَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَعِنْدَهُ التَّكَلُّمُ بِهَذَا ابْنِي لِلْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ فِي إثْبَاتِ الْحُرِّيَّةِ خَلَفٌ عَنْ التَّكَلُّمِ بِهِ فِي إثْبَاتِ الْبُنُوَّةِ، وَالتَّكَلُّمُ بِالْأَصْلِ صَحِيحٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَعِنْدَهُمَا ثُبُوتُ الْحُرِّيَّةِ بِهَذَا اللَّفْظِ خَلَفٌ عَنْ ثُبُوتِ الْبُنُوَّةِ بِهِ وَالْأَصْلُ مُمْتَنِعٌ وَمِنْ شَرْطِ الْخَلَفِ إمْكَانُ الْأَصْلِ وَعَدَمُ ثُبُوتِهِ لِعَارِضٍ فَيُعْتَقُ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ أَيْ فَرْعٌ لَهَا ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْخَلَفِيَّةَ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ أَوْ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَعِنْدَهُمَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي ثَبَتَ بِهَذَا اللَّفْظِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ كَثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ مَثَلًا بِلَفْظِ هَذَا ابْنِي خَلَفٌ عَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَتَنَوَّعُ الْمَجَازُ بِحَسَبِ ذَلِكَ مَثَلًا إطْلَاقُ الْمُشَفَّرِ عَلَى شَفَةِ الْإِنْسَانِ إنْ كَانَ بِاعْتِبَارٍ تَشْبِيهًا بِهِ فِي الْغِلَظِ فَاسْتِعَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِ الْمُقَيَّدِ فِي الْمُطْلَقِ فَمَجَازٌ مُرْسَلٌ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُعْتَبَرُ) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمَجَازِ وُجُودُ الْعَلَاقَةِ الْمَعْلُومُ اعْتِبَارُ نَوْعِهَا فِي اسْتِعْمَالَاتِ الْعَرَبِ، وَلَا يُشْتَرَطُ اعْتِبَارُهَا بِشَخْصِهَا حَتَّى يَلْزَمَ فِي آحَادِ الْمَجَازَاتِ أَنْ تُنْقَلَ بِأَعْيَانِهَا عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَذَلِكَ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ اخْتِرَاعَ الِاسْتِعَارَاتِ الْغَرِيبَةِ الْبَدِيعَةِ الَّتِي لَمْ تُسْمَعْ بِأَعْيَانِهَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ هُوَ مِنْ طُرُقِ الْبَلَاغَةِ، وَشُعَبِهَا الَّتِي بِهَا تَرْتَفِعُ طَبَقَةُ الْكَلَامِ فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمْ يُدَوِّنُوا الْمَجَازَاتِ تَدْوِينَهُمْ الْحَقَائِقَ، وَتَمَسَّكَ الْمُخَالِفُ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّجَوُّزُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِ الْعَلَاقَةِ لَجَازَ إطْلَاقُ نَخْلَةٍ لِطَوِيلٍ غَيْرِ إنْسَانٍ لِلْمُشَابَهَةِ، وَشَبَكَةٍ لِلصَّيْدِ لِلْمُجَاوَرَةِ، وَالْأَبِ لِلِابْنِ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَالِابْنِ لِلْأَبِ لِلْمُسَبِّبِيَّةِ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا، وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ فَإِنَّ الْعَلَاقَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِلصِّحَّةِ، وَالتَّخَلُّفُ عَنْ الْمُقْتَضَى لَيْسَ بِقَادِحٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِمَانِعٍ مَخْصُوصٍ فَإِنَّ عَدَمَ الْمَانِعِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْمُقْتَضَى، وَذَهَبَ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ لَمْ تَجُزْ اسْتِعَارَةُ نَخْلَةٍ لِطُولِ غَيْرِ إنْسَانٍ لِانْتِفَاءِ شَرْطِ الِاسْتِعَارَةِ، وَهُوَ الْمُشَابَهَةُ فِي أَخَصِّ الْأَوْصَافِ أَيْ فِيمَا لَهُ مَزِيدُ اخْتِصَاصٍ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ كَالشَّجَاعَةِ لِلْأَسَدِ فَإِنْ قِيلَ الطُّولُ لِلنَّخْلَةِ كَذَلِكَ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ اسْتِعَارَتُهَا لِإِنْسَانٍ طَوِيلٍ قُلْنَا لَعَلَّ الْجَامِعَ لَيْسَ مُجَرَّدَ الطُّولِ بَلْ مَعَ فُرُوعٍ، وَأَغْصَانٍ فِي أَعَالِيهَا، وَطَرَاوَةٍ، وَتَمَايُلٍ فِيهَا.

[مَسْأَلَةٌ الْمَجَازُ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ]
(قَوْلُهُ مَسْأَلَةٌ) لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ أَيْ فَرْعٌ لَهَا بِمَعْنَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ الْأَصْلُ الرَّاجِحُ الْمُقَدَّرُ فِي الِاعْتِبَارِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي جِهَةِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 154
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست